التخطي إلى المحتوى الرئيسي

تجربة استونيا التنموية

  


شاركت في مسابقة رياضية وثقافية وسط صحراء الكويت، وكان أحد الأسئلة متعلق بالجغرافيا، حيث ظهر علم مخطط بالأزرق والأسود والأبيض اختاره طلاب جامعة تارتو في استونيا لجمعيتهم الطلابية ثم أصبح علم الدولة، ولا أدري كيف حزرتُ الإجابة حينها، ولم يخطر في بالي أني سأزورها في نفس العام، فهي دولة أوروبية شرقية، وغير معروفة بالسياحة أو أي عامل جذب غير السونا مثلها مثل فنلندا وجيرانها وليس في ذلك تمايز. 

انطلقنا الأسبوع الماضي ضمن وفد رائع من خريجي مؤسسة القدومي المتميزة في دعم برامج بناء الإنسان الفلسطيني ورأس المال البشري. اجتمعنا بدعوة من المؤسسة رغم تشتتنا في بقاع الارض ولقد أحسنت إدارة المؤسسة باختيارها هذه الدولة لدراسة تجربتها والاستفادة منها، فاستونيا دولة تعداد سكانها أقل من مليون ونصف نسمة، مرت بفترات عصيبة واحتلال سويدي ودنماركي وألماني وروسي ولكنها لم تنقرض وناضلت وسرعان ما تقدمت بمجرد أن تحررت، وقد تمكنت من مضاعفة دخلها القومي ثمانية أضعاف خلال ما يقارب عشرين سنة. هذه الدولة الصغيرة خرج من رحمها عشر شركات ينيكورنية أهمها وأشهرها سكايب وبولت ووايز، ولقد تصدرت أوروبا في مقياس جودة التعليم الأبرز في العالم (بيزا) في السنوات الأخيرة متفوقة على الرائدة فنلندا التي كانت قدوتهم في مراحلهم التنموية الأولية (ونعم القدوة).

وبحكم عملي البحثي، تأتي هذه التجربة متوائمة ومكمّلة لتجارب دولية مشابهة اطّلعتُ عليها عن كثب لدولٍ صغيرة ومتوسطة استطاعت النهوض بسرعة. ولعلّ تشابه الظروف الديموغرافية والسياسية في مرحلةٍ ما بين فلسطين واستونيا يجعل من التجربة الإستونية حالةً ملهمة يمكن الاستفادة منها في تطوير برامج تنموية فعّالة في مجال التعليم والابتكار والرقمنة لتساهم في رفعة وتقدّم وطننا الغالي فلسطين، رغم التحديات الخارجية والداخلية.

وهنا أذكر عشر دروس يمكن الاستفادة منها من تجربة استونيا. 

1.       ترسيخ ثقافة العمل الجاد والانفتاح الذهني نحو التعلم والنمو.

2.       تعزيز ثقافة التعاون بين الحكومة والجامعات والقطاع الخاص والمجتمع المدني.

3.       تمكين القطاع الخاص، خاصة في مجال التكنولوجيا التعليمية (EdTech).

4.       الاستخدام الفعّال والشفاف للدعم الأوروبي المالي والمؤسسي.

5.       الاستفادة من التجربة الفنلندية كنموذج مرجعي وتكييفها مع السياق المحلي.

6.       التركيز على التحول الرقمي كمحرك أساسي للتنمية الوطنية.

7.       تهيئة بيئة محفزة للأعمال وتشجيع ريادة الأعمال والابتكار.

8.       الموازنة بين التوجيه الاستراتيجي المركزي والمبادرات الابتكارية العضوية.

9.       بناء نظام مستدام للتدريب المستمر والتعليم الشامل للجميع.

10.    تطوير منظومة وطنية متكاملة للابتكار تشمل مراكز العلم وريادة الأعمال.

 

 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

هالة التشات جي بي تي ChatGPT

  يتسابق الجميع في إدخال الذكاء الاصطناعي في عملياته ومنهم من ينتظر، وبعضهم يزعم استخدامه من أجل إظهاره تطوره وقدراته فتراه مثلاً يدخل Chatbot للتواصل مع العملاء وتتفاجأ أنه يستسلم من أول جولة ويحولك إلى الموظف، ثم جاء ChatGPT وأعطى الناس فكرة بسيطة عن الإمكانيات الحقيقية المذهلة للذكاء الاصطناعي في المستقبل، وما يدور خلف الكواليس في غرف شركات التكنولوجيا العملاقة.   لا شك أن بزوغ هذا النجم والحديث عنه في الإعلام بكثافة جعلنا نستمع لبعض من استخدمه ومدحه أو ذمه وقد جربته بنفسي قليلًا لأرى إمكانياته، ولا شك أنه مبهر للوهلة الأولى وربما هذا ما جعله حديث الناس حيث تلقفه الإعلام وكالعادة قام بتهويل إمكانياته وهذا ديدنهم (وطبعًا في بلادنا ممكن أكثر شوية لأنه طاسه وضايعه إلى حد ما) لكن بشكل عام الإنسان متعطش دائما بالفطرة لأي جديد ومثير (هكذا جُبل دماغنا)، والإعلام يجري خلف الأخبار التي تصدح لأنها بالمال تصدع، وقد أصبحت التكنولوجيا كغيرها من المواضيع يتحدث بها الناس في جلساتهم مثلها مثل كل شيء آخر وليست محصورة على المتخصصين وخصوصاً بعد وصول الانترنت والهاتف الذكي أيدي الجم...

تعلم على راحتك

من فترة جاءت برفيسور لندا هيل من هارفرد الى الكويت وكانت محاضرتها ليلاً ( يعني بدك تترك أولادك وبعد تعب الدوام واللي زي بنام  بدري فيها غلبة  كثير   ، وطبعا لازم تسجل وقصة) ، وكعادتي كتبت ملاحظات للاستفادة والإفادة من خلال مدونتي باقتباس تعليق أو جملة مفيدة أو مصدر مهم! لكني وجدت محاضرة لها على تيد  TED  شبيهة جداً بما قدمته لنا وها أنا أنشره لكم للفائدة ( هنا ) لأنها كانت محاضرة مميزة. رسالتي هنا ، أننا  حقاً محظوظون مقارنة بمن سبقونا ،  فنحن  نشهد وفرة كبيرة من المعلومات التي يمكن الاستفادة منها دون تعب أو سفر ، خصوصاً مع توفر الكثير من المصادر المتاحة دون تكلفة أو تكلفة بسيطة ، من خلال الانترنت سواء القصيرة أو الطويلة الممنهجة مثل  coursera , edx, udemy, Khan Academy, TED talk, HBR , MIT opencourseware    وطبعاً الكتب الالكترونية المتوفرة الآن بطريقة خيالية لا نحتاج إلى سفر (ولا نوصي حد من الجامعة الاردنية وهو نازل على الجسر: كما كنا نفعل أيام الجامعة في آواخر التسعينتات)    ، الآن مباشرة من أمازون كندل ،...

عادات المليارديرات

بناء على مقابلات مع ٢١ ملياردير ، تم التوصل إلى ٦ عادات مشتركة:  ١. الاستيقاظ مبكراً   ٢. الاهتمام بالصحة والرياضة  ٣. القراءة  ٤. التأمل والتفكر  ٥. برنامج روتيني (مثل الأربع عادات السابقة)  ٦. الالتزام والانضباط  *المصدر: سي ان بي سي ( هنا )